-->

نوادر الجاحظ عن البخلاء

 نوادر الجاحظ عن البخلاء
نوادر الجاحظ عن البخلاء
الجاحظ



من نوادر الجاحظ عن البخلاء


يدفع البخل أهل خراسان إلى أعجب الحيل وأطرفها و أغربها، من ذلك ما رواه الجاحظ من أن أناسا من أهـل مدينة مرو لا يلبسون خفافهم (أي أحذيتهم ) إلا ستة أشهر في السنة فإذا لبسوها في هذه الأشهر الستة يمشون على صدور أقدامهم ثلاثة أشهر وعلى أعقاب أرجلهم ثلاثة أشهر مخافة أن تنقب هذه النعال وهذه قمة البخل .
وروى كذلك أن رجلا زار قوماً فأكرموه وطيبوه فجعلوا بعض المسك في شاربه ، فحكته شفته العليا ، فأدخل إصبعه فحكها من باطن الشفة مخافة أن تأخذ إصبعه من المسك شيئاً وهنا كذلك قصة الشيخ الخراساني الذي كان يأكل في بعض المواضع إذ مر به رجل فسلم عليه فرد الشيخ السلام ثم قال : هلم عافاك الله . فتوجه الرجل نحوه فلما رآه الشيخ مقبلا قال له: مكانك، فإن العجلة من عمل الشيطان فوقف الرجل، فقال له الخرساني: ماذا تريد؟ قال الرجل: أريد أن أتغذى. قال الشيخ، ولم ذاك؟ وكيف طمعت في هذا؟ ومن أباح لك مالي؟ قال الرجل: أوليس قد دعوتني؟ قال الشيخ، ويحك، لو ظننت أنك هكذا أحمق ما رددت عليك السلام. الأمر هو أن أقول أنا: هلم فتجيب أنت: هنيئا فيكون كلام بكلام. فأما كلام بفعال وقول بأكل فهذا ليس من الإنصاف.

الجاحظ والكتاب

يقول الجاحظ حدثني عمر بن سيف أنه حضر مجلس أبي عباد ثابت بن يحيى يوما في منزله وعنده جماعة من الكتاب فذكر ما هم عليه من ملائم الأخلاق ومدانس الأفعال قال: ووصف تقاطعهم عند الاحتياج وعدم تعاطفهم عند الاختلال وزهدهم في المواصلة فقال: معاشر الكتاب ما أعلم أهل صناعة أملأ لقلوب العامة منكم ولا النعم على قوم أظهر منها عليكم. ثم إنكم في غاية التقاطع عند الاحتياج وفي ذروة الزهد في التعاطف عند الاختلال. وإنه ليبلغني أن رجلا من القصابين يكون في سوقه فيتلف ما في يديه فيخلى له القصابون سوقهم يوماً ويجعلون له أرباحهم فيكون بربحها منفرداً وبالبيع مفردا فيسدون بذلك خلته ويجبرون منه كسره. وإنكم لتناكرون عند الاجتماع والتعارف تناكر الضباب والسلاحف ثم مع استحواذكم على صناعتكم وقلة ملابسة أهل الصناعات لها معكم لم أرى صناعة من الصناعات إلا وقد يجمع أهلها غيرها إليها فيعانونها جميعاً وينزلون لضرب من التجارات معاً إلا صناعتكم هذه فإن المتعاطي لها منكم والمتسمي بها من نظرائكم لا يليق به ملابسة سواها ولا ينساغ له التشاغل بغيرها. ثم كأنكم أولاد علات وضرائر أمهات في عداوة بعضكم بعضا وحنـق بعضكم على بعض. أف لكم ولأخلاقكم !.

الجاحظ ما غلب قط

قال الجاحظ ما غلبني أحد إلا امرأة ورجل فأما الرجل فقد كنت مجتازا ( مارا ) بأحد الطرق فوجدت رجلا بطين ( سمين ) كبير الهامة ( رأسه كبير طويل اللحية بيده مشط يمشط بها لحيته فقلت في نفسي رجل قصير بطين ، الحي ، فاستزريته ( فاستصغرته) فقلت أيها الشيخ قد قلت فيك شعرا فترك المشط من يده وقال قل فقلت ( كأنك صعوة في أصل حش ... أصاب الحش طش بعد رش ) ( الصعوة ؛ الناقة الصغيرة ، الحش الزرع وقد يكون الحشيش ،الرش، المطر الخفيف، و الطش المطر الذي يكون أكبر من الرش .
فقال الرجل السمين اسمع الجواب كأنك كندر في ذيل كبش .... يدلدل هكذا ، والكبش يمشي ( الكندر صمغ شجرة شائكة ، يدلدل يضطرب ويتهدل ، كبش خروف ) سبحان الله كيف استهزأ الجاحظ وهـو الأديب المعروف المشهور بقوة كلامه ومنطقه وحجته كيف استهزأ بهذا الرجل العادي وهو يحسب بأنه يستطيع أن يضحك عليه وما كان يدري بأن هذا الرجل هو أقوى منه شعرا ومنطقا وجوابا ... ولذلك يجب على الإنسان أن لا يحكم على الناس من مظهرهم قبل أن يعرفهم حق المعرفة، أما المرأة التي غلبت الجاحظ فيقول الجاحظ لقد رأيت بالعسكر ( الجيش ) امرأة طويلة القامة جدا ونحن على طعام فأردت أن أمازحها فقلت انزلي حتى تأكلي معنا فقالت وأنت فاصعد حتى ترى الدنيا.

الجاحظ وكتاب توصية

قال أبو العيناء للجاحظ: طلب مني صديق لي أن أسألك أن تكتب له خطاب توصية إلى والي البصرة، فقال الجاحظ: نعم. أكتبه ثم أبعثه إليك، وكتب له الجاحظ الخطاب وختمه ثم أرسله إلى أبي العيناء، فلما تسلمه أبو العيناء أحب أن يرى ما كتبه الجاحظ، فقال لرجل عنده: إفتحه واقرأه علي. فإذا فيه: " كتابي إليك طلبه مني من أخافه لمن لا أعرفه. فافعل في أمره ما تراه، والسلام «. فغضب أبو العيناء ونهض إلى الجاحظ، فقال: أعرفك باعتنائي بهذا الصديق فتكتب له مثل هذا؟! فقال الجاحظ: لا تنكر ذلك، فإنها أمارة بيني وبين والي البصرة إذا عنيت برجل، قال أبو العيناء: بل أنت ولد زنا، قال: أتشتمني؟ قال: لا، إنها أمارة لي عند الثناء على إنسان!

الجاحظ والجارية الهندية

روى الجاحظ: أتيت منزل صديق لي فطرقت الباب فخرجت إلى جارية من الهند، فقلت: قولي لسيدك الجاحظ بالباب، فقالت: أقول: " الجاهد بالباب؟ - على لغتها فقلت: لا، قولي له الحدقي بالباب! فقالت أقول " الحلقي بالباب! فقلت: لا تقولي شيئا. ورجعت من حيث أتيت.

الجاحظ وشيخ الجامع

قال الجاحظ دخلت مدينة واسط يوم الجمعة فبكرت صباحا إلى الجامع، فقعدت، فرأيت رجلا عظيم اللحية وقورا وإذا هو يقول ويكرر: إلزم السنة تدخل الجنة فسأله رجل: وما السنة يا مولانا؟ فقال الرجل الملتحي: السنة هي حب أبي بكر بن عفان وعثمان الفاروق وعمر الصديق وعلي بن أبي سفيان ومعاوية بن أبي شيبان. فسأله رجل آخر: ومن هو معاوية بن أبي شيبان؟ فقال الشيخ: هو رجل صالح من حملة العرش، والله اعلم!

الجاحظ والمتسول

قال أبو عثمان الجاحظ: وقف سائل بقوم فقال: أطعموني فأنا جائع، فقالوا له أنت تكذب، فقال: فجربوني برطلين من الخبز ورطل من اللحم المشوي.

الجاحظ وحيل اللصوص

عندما ألف كتابه (حيل اللصوص) لامه العقلاء والأدباء، تحت ذريعة أنه يعلم الناس الحيل) أي يبين للصوص طرق عملهم (. فكان جوابه: إن اللصوص أذكى من أن يتعلموا طرق مهنتهم عن طريق كتاب.

الجاحظ وصورة الشيطان

في يوم من الأيام كان (الجاحظ) واقفا أمام بيته، فمرت قربه امرأة ذات حسن وجمال فابتسمت له، وقالت: لي إليك حاجة. فقال الجاحظ: وما حاجتك؟ قالت: أريدك أن تذهب معي. قال: إلى أين؟ قالت: اتبعني دون سؤال. فتبعها الجاحظ إلى أن وصلا إلى دكان صائغ. وهنالك قالت المرأة للصائغ: مثل هذا، وانصرفت. عندئذ سأل الجاحظ الصائغ عن معنى ما قالته المرأة، فقال له: لا مؤاخذة يا سيدي لقد اتتني المرأة بخاتم، وطلبت مني أن أنقش عليه صورة شيطان. فقلت لها: ما رأيت شيطانا قط في حياتي. فأتت بك إلى هنا لظنها أنك تشبهه.


عمر الجاحظ نحو تسعين عاما وكتب في الأدب وعلم الكلام والسياسة والتاريخ والأخلاق والحيوان والنبات والصناعة والنساء وغيرها، ترك الكثير من الكتب والمؤلفات أشهرها كتاب البخلاء وكتاب الحيوان والبيان والتبيين.