-->

أبو دلامه: طرائفه و شعره

 

أبو دلامه: طرائفه و شعره
أبو دلامه: طرائفه و شعره


عند الحديث عن أبو دُلامه سواء من خلال طرائفه أو شعره فنحن بصدد شاعر من أذكى الشعراء ذوي النكت و الطرائف في عصره، فهو من الشعراء الساخرين و المتكسبين لأنه غالبا ما كان يَتَكسب من شعره و مستملحاته من الحكام و الأمراء و كان أيضا لسانه يشفع له في الكثير من الأحيان و ينجيه من الأحكام و العقوبات التي كانت سَتُنفذ في حقه بسبب أفعاله أو لسانه.

من طرائف أبو دلامه

رُويت عن أبي دلامه الكثير من الطرائف و المستملحات التي قالها أو فعلها خصوصا أنه شاعر ذكي و يعرف كيف يُضحك الناس و الأمراء لكي ينال عطاياهم و هداياهم.

عطاء أبو دلامة

دخل أبو دلامة على المنصور وكان يريد منه عطاء فأنشده:
إني رأيتك في المنام وأنت تعطيني خياره
مملوءة بدراهم وعليك تأويل العبارة
فقال له المنصور: امض فأتني بخيارة أملؤها لك دراهم. فمضى فأتى بأعظم دباءة(بطيخة) توجد . فقال له: ما هذا ؟ قال: يلزمني الطلاق إن كنت رأيت إلا دباءة، ولكني نسيت، فلما رأيت الدباءة في السوق ذكرتها .

 أبو دلامة يهجو نفسه

دخل أبو دلامة على المهدي وعنده محمد بن الجهم وزيره، وكان المهدي يستثقله فقال لأبي دلامة : والله لا تبرح مكانك حتى تهجو أحد الثلاثة فهم أبو دلامة بهجاء ابن الجهم فخاف شره، فراى أن هجاء نفسه أقل ضررا عليه، فقال:

ألا أبلغْ لديك أبا دلامة ** فليس من الكرام ولا كرامة 

إذا لبس العِمامة كان قردا ** و خنزيرا إذا وضع العمامة 

وإن لبس العمامة كان فيها ** كثور لا تفارقه الكمامة

من شعر أبو دلامه

لقد كان أبو دلامه شاعرا متمكنا يعرف كيف يأثر في جلسائه و مستمعينه كما كان يجيد الهجاء أيضا حيث كان يهجو كل من عارضه أو سخر منه.

أبو دلامة يهجو الزنبعة

كان يجالس أبا عبيدة معمر بن المثنى رجل ثقيل اسمه زنباع، فكان يعترضه في كل مسير، ويفرض عليه في كل مجلس لا يتكلم أبو عبيدة بكلمة إلا عارضه بكثرة جهله، وقلة عقله. فقال رجل لأبي عبيدة : مم اشتقت الزنبعة في كلام العرب؟ فقال: من التثاقل والتباغض، ومنه سمي جليسنا هذا زنباعاً وامتحن أبو عبد الرحمن العتبي بمثل ذلك من رجل، فلما طال عليه أنشده:

أما والذي نادى من الطور عبده وانزل فرقاناً وأوحى إلى النحل
لقد ولدت حواء منك بلية على أقاسيها وثقلاً من الثقل

وقال أبو ذؤيب في الملح:
وسرب يطلى بالعبير كأنه دماء ظباء بالنحور ذبيح 

بذلت لهن القول إنك واجد لما شئته حلو الكلام مليح 

فأمكنّه مما يقول وبعضهم شقي لدى خيراتهن تطيح

أبو دلامة يسكر

شرب أبو دلامة فأحضره الشرطي إلى المهدب فقال:
استنكهوه ففعلوا فوجدوا رائحة الخمر فأحب المهدي أن يعبث به فأمر الربيع أن يحبسه في بيت الدجاج ويقفل عليه الباب ففعل ثم أخلى سبيله بعد يومين
واقيم بين يدي المهدي فقال:
يا عدو الله أتشرب الخمر أما أني لأقيمن عليك الحد ولا تأخذني فيك لومة لائم فأنشد أبو دلامة يقول:

أمير المؤمنين فدتك نفسي
علام حبستني وخرقت ساجي
أفاد إلى السجون بغير جرم
كاني يعض عمال الخراجي
ولو معهم حبست لكان خيرا
ولكني حبست مع الدجاجي
أمن صهباء ريح المسك فيها
ترقرق في الإناء لدى المزاجي
عقار مثل عين الديك صرف
كان شعاعها لهب السراجي
وقد طبخت بنار الله حتى
لقد صارت من النطف النضاجي

فسأل المهدي الحاضرين ماذا يعني بنار الله ؟ فقال الربيع يعني بها الشمس.
فقال أبو دلامة: لا يا أمير المؤمنين ولكن نار الله الموقدة التي تطلع على فؤاد الربيع مؤصدة وعلى من أخبرك بأني عنيت بها الشمس مطبقة فضحك المهدي وجلساؤه وعفا عنه.